الرياضة الفلسطينية في دائرة النار الإسرائيلية.. والفيفا مطالب بإنصاف فلسطين

الثلاثاء 16 يوليو,2024
الرياضة الفلسطينية في دائرة النار الإسرائيلية.. والفيفا مطالب بإنصاف فلسطين

القدس- دائرة الإعلام بالاتحاد-

في كل لحظة، تتوسع دائرة عدوان الاحتلال الإسرائيلي منذ عشرة أشهر. ومن يوم إلى يوم يصحو الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية على مجزرة جديدة، تحصد معها أرواح الأبرياء، ومن بقي على قيد جزء من الحياة، يجد نفسه بلا مأوى ولا طعام ولا ماء، وقد يجد نفسه وقد فقد من جسده أو عائلته ما يزيد من المأساة.

حرب إبادة لم يسلم منها البشر ولا الحجر، هدفها الرئيس قتل الحياة بكل أشكالها، وللرياضة من هذه الإبادة نصيب، فتعرضت لكل صنوف الاستهداف والقتل والتدمير المتعمد، ما يمثل سياسة الاحتلال وعقيدته القائمة على سفك الدماء والفساد الأخلاقي والإنساني، وهو ما أدى أيضاً إلى توقف النشاط الرياضي في فلسطين منذ اليوم الأول للحرب وإلى الآن.

نجوم الرياضة... بين القتل والنزوح والأسر

أهوال العدوان المستمر منذ السابع من أكتوبر 2023، أفقدت الرياضة الفلسطينية خيرة أبنائها من لاعبين ومدربين وإداريين، ولم تفلح لا القوانين الرياضية ولا المواثيق الدولية والإنسانية في تجنيبهم هذه المأساة، وسط تخاذل دولي، وصمت من المنظمات الرياضية الدولية.

تظهر آخر إحصائيات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم المتعلقة برصد الانتهاكات، ارتفاع عدد شهداء الحركة الرياضية إلى 343 شهيداً منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر، منهم 242 شهيداً في كرة القدم (67 طفلاً و174 بالغاً).

يضاف إليهم آلاف الجرحى والنازحين، ويبقى عدد المفقودين مجهولاً لقلة المصادر المتوفرة في قطاع غزة.

هذا وتعج سجون الاحتلال الإسرائيلي بالأسرى من أبناء الحركة الرياضية الفلسطينية بين محكومين، وموقفين، وإداريين (محكومون بالاعتقال الإداري)، وفي كرة القدم يقبع 12 لاعباً في زنازين الاحتلال.

 

ملاعب لم تعد صالحة للعب

وكما لم يسلم اللاعبون، لم تسلم الملاعب كذلك من الإجرام الممنهج، وعاث فيها الاحتلال وجنوده تدميراً وتخريباً وطغياناً. فقصفت طائرات الاحتلال ومدفعيته الكثير منها، بالإضافة إلى تدمير مقرات الأندية، ومقر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في قطاع غزة، ومقر اللجنة الأولمبية الفلسطينية.

ما سلم من ملاعب قطاع غزة من القصف، تحوّل إلى مراكز لإيواء النازحين الفارين من لظى القصف مثل استاد محمد الدُّرة، أو تحوّل إلى معسكرات لقوات الاحتلال ومعتقلات ومراكز تحقيق ميداني لمئات الفلسطينيين الذي ذاقوا كل صنوف التعذيب والجرائم الإنسانية، وهذا ما صنعه جنود الاحتلال بملعب اليرموك، الذي دمّروه قبل انسحابهم.

أما واقع الحال في الضفة الغربية والقدس فلم يكن مختلفاً كثيرا، فاستهدف الاحتلال مقر مركز شباب مخيم جنين، ومركز مخيم نور شمس، ومقر نادي مركز طولكرم، واستهداف ملعب بيتونيا الرياضي، وإخطار هدم بحق مقر نادي العيسوية، إضافة لتخريب الممتلكات والبنية التحتية والخدمية التابعة للقطاع الرياضي والكروي.

وحسب الإحصائيات، فقد تم تدمير واستهداف 49 منشأة رياضية، بواقع 42 في قطاع غزة، و7 في الضفة الغربية.

 

 

انتهاكات بلا هوادة

واقع حرب الإبادة، وممارسات الاحتلال الإجرامية، كلها كانت كفيلة بتوقف النشاط الرياضي في فلسطين، وبالنسبة للأنشطة المتعلقة بكرة القدم، فقد توقف دوري المحترفين الفلسطيني منذ اليوم الأول للعدوان، وبالتحديد في منتصف منافسات الأسبوع الثالث للموسم المنصرم 2023/2024، والذي لم يكتمل.

سياسة الخنق والتضييق والحد من الحركة التي يفرضها الاحتلال منذ عقود في الضفة الغربية مقطعة الأوصال بفعل المد الاستيطاني السرطاني، كانت لها تداعيات نفسية واجتماعية على الرياضيين وعائلاتهم كما هو الحال مع كل أبناء الشعب الفلسطيني.

يضاف إلى ما سبق، تدخل سلطات الاحتلال في تنظيم اللقاءات الكروية في فلسطين، وعادة ما تحول دون إقامة العديد منها دون مبررات منطقية أو مسوغات قانونية، ويتم ذلك عبر إجراءات أحادية الجانب، كعرقلة دخول الوفود الكروية والأندية والمنتخبات إلى فلسطين، من خلال منع أو تأخير إصدار تأشيرات الدخول، نظراً لسيطرتها العسكرية على المعابر الحدودية.

الأخطر من ذلك، هو انضمام عدد كبير من الرياضيين الإسرائيليين إلى جيش الاحتلال، والذين يشاركون في قتل الأطفال والمدنيين الأبرياء، وتدمير الحياة في فلسطين.

 

احتلال الأرض عبر الرياضة

لطالما عملت سلطات الاحتلال على توسيع نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام1967، من خلال إجراءات وممارسات عديدة، أبرزها مصادرة آلاف الدونمات لصالح إقامة المستوطنات، وكل ذلك من أجل وأد أي محاولة لإقامة الدولة الفلسطينية.

الإسرائيليون أقحموا الرياضة وكرة القدم في احتلالهم وسرقتهم للأرض الفلسطينية، فعملت دولة الاحتلال والجمعيات الاستيطانية التابعة لها، على إنشاء أندية في المستوطنات غير الشرعية، واعتمادها وتسجيلها لدى الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، والسماح لها بممارسة نشاطاتها على ملاعب أقيمت على أراضٍ فلسطينية محتلة، أو اتخذت من المستوطنات مقراً وعنواناً لها.

ويسمح الاتحاد الإسرائيلي لأندية المستوطنات تلك، بالمشاركة في الدوري الإسرائيلي، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للمواد 3 و4 و11(1) و71(2) و72 من النظام الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" 2022، كما أن "الفيفا" وقوانينه الأساسية وقواعده التأديبية والأخلاقية، تحظر صراحةً دعم الإجراءات التي تنتهك حقوق الإنسان والقانون الدولي، والتي تم توضيحها في المواد 2 و3 و5 و47 من النظام الأساسي، بالإضافة إلى المادة 5 من مدونة قواعد السلوك.

 

مطالب عادلة يطلقها اتحاد الكرة الفلسطيني

لم يقف الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم مكتوف الأيدي أمام هذه الممارسات والجرائم الإسرائيلية، بل حمل شعار محاسبة الاحتلال قانونياً، فلجأ إلى الاتحادات القارية والدولية، مطالباً بإنصاف الرياضة الفلسطينية، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه.

وفي كلمة للفريق جبريل الرجوب، خلال اجتماع الجمعية العامة للفيفا الـ74، طالب بتعليق عضوية الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم كعضو في الاتحاد الدولي، وبشكل فوري، بما يشمله ذلك من عدم إمكانية ممارسة حقوق العضوية بموجب لوائح الفيفا ولضمان احترام قوانين الفيفا، إضافةً إلى حظر الاتحاد الإسرائيلي وأعضائه المباشرين وغير المباشرين من أي نشاط متعلق بكرة القدم يقع ضمن اختصاص الفيفا بشكل فوري، وإلى حين أن يتم احترام قوانين الفيفا.

كما طالب الرجوب بضمان احترام سلطة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم والوقف الفوري لأي نشاط كروي للاتحاد الإسرائيلي يتم تنفيذه في أراضي الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، مطالبا أيضا بإحالة الأمر برمته إلى اللجنة التأديبية للفيفا للفصل فيه وفرض العقوبات المناسبة على الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم وأعضائه المباشرين وغير المباشرين.

هذه المطالب، أحالها رئيس الفيفا إلى لجنة قانونية مستقلة لتقديم الرأي القانوني، وسيتم إعلان القرار خلال اجتماع مجلس الفيفا، الذي سينعقد يوم السبت المقبل من يوليو الجاري.

فهل ينصف الفيفا فلسطين؟